هذا كان يحدث في ذروة الغضب الجماهيري لكنها في فترات السكون تعود للمجاهرة بمواقفها الحاقدة، وهو ما يحدث اليوم بتماهيها مع كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية مستغلة حالة التيه الذي تغرق فيه الأمة والذي جعلها تصاب بغشاوة تحول بينها وبين النظر للأمور على حقيقتها | هكذا فقط يمكن أن يكون سلوكنا التضامني تجاه فلسطين وأهلها فعالا يحسن التعاطي مع واقعنا |
---|---|
جوليا التي تتلمذت على يد فكر ادوارد سعيد تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وبالقوة الهائلة للمقاومة الشعبية وقدرتها على الانتصار سيما إذا قادت هذه المقاومة النساء ، أكدت ومن موقع المتابع لتطور الفكر السياسي الفلسطيني ومسيرة النضال التحرري للشعب الفلسطيني، بأنه آن الأوان لمواجهة محاولات شيطنة النضال الفلسطيني في الاعلام الغربي والأمريكي بصورة خاصة، واستمرار وصمه بالارهاب وتصنيف حتى الانتفاضة الاولى بالعنف، وتفاقُم هذا الأمر منذ انطلاق مسيرة أوسلو ، تمهيداً للانقضاض على حقبة كاملة في العلاقات الدولية وقرارات الأمم المتحدة من قبل عصابة ترامب و امتداداتها في حكومات اليمين الاسرائيلي | هذا بالإضافة إلى إن المظاهر المتفاقمة لانتهاكات السلطة الفلسطينية لحرية الرأي والتعبير و التظاهر و التعدي على مكونات ودور المجتمع المدني في فلسطين المحتلة، و ما يترافق مع ذلك من اتساع نطاق الفساد والتمييز الجهوي ضد قسم من أبناء شعبنا في قطاع غزة و الذين يعيشون بين فكي كماشة اجراءات عقابية من حكومة السلطة والحصار الاسرائيلي الشامل على القطاع والذي يتغذى بفعل استمرار الانقسام ، وغيرها من الشواهد تترك أثراً بالغ السلبية على هذه التطورات لدرجة أن اسرائيل التوسعية العنصرية توظفها وتحاول الاختباء خلف هذه الظواهر في محاولة لإزاحة الانظار عن ممارساتها العنصرية |
.
على أن هذا الأمر ليس كافيا، فلا يمكن أن ننتظر موعد سقوط هذه الأنظمة حتى نقدم الدعم اللازم لفلسطين وأهلها مثلما ظنت بعض التيارات في وقت من الأوقات حتى ضلت الطريق وغرقت في قضايا بعيدة تماما عن الأصل الذي انطلقت منه | في هذا السياق يمكن قراءة دلالات استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة سواء لجهة ابراز مدى عنصرية اسرائيل من وجهة نظر يهود الولايات المتحدة، حيث أظهرت نتائج هذا الاستطلاع أن 25% من الجالية اليهودية الأمريكية يؤمنون أن إسرائيل دولة أبارتهايد، وأن هذه النسبة ترتفع إلى 38% في أوساط الشباب تحت سن الأربعين، كما تشير إلى أن 34% من يهود الولايات المتحدة يرون في معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها تشبه عنصرية أمريكا، وترتفع هذه النسبة إلى 43% في أوساط من هم أقل من 40 سنة، كما أبرزت نتائج الاستطلاع أن 22% من الجالية اليهودية الأمريكية تعتقد أن إسرائيل تمارس التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وترتفع هذه النسبة إلى 33% في أوساط الشباب تحت سن الأربعين |
---|---|
غير أن هذا السؤال وإن كان يحمل فيما مضى هم الإجابة فإنه اليوم أضحى سؤالا استنكاريا من فرط ما مر على الأمة من إحباطات حتى شكت الجماهير في قدرتها على تغيير الأوضاع وتأثيرها في معادلة الصراع، ذلك أن تكرار الإجابات التقليدية واجترار الخطاب القديم لم يكن ليقدم شيئا ذا بال للقضية سوى أنه يسهم في إطفاء غضب الجماهير وتنفيس احتقانها لدرجة أن ردود أفعالنا أصبحت متوقعة لعدونا يتعايش معها ويتحايل عليها | من البديهي القول أن مكونات العدالة المتصلة بالقضية الفلسطينية تستدعي حماية قدسيتها، وعدم التشويش على هذا النمو المتسارع لمكانتها في أوساط الرأي العام الدولي بما في ذلك الرأي العام في أوساط يهود الولايات المتحدة و الأجيال الشابة والتقدمية المتنامية في المجتمع الأمريكي، والتي بفعل وسائل التواصل الاجتماعي تتنامي لديها أشكال غير مسبوقة من المعرفة ازاء مضمون خطورة الانتهاكات الاسرائيلية، ومدى عنصرية سياساتها المباشرة و الاستراتيجية كما ابرزتها قضية الشيخ جراح، بالاضافة إلى سياسات قوننة التمييز العنصرى الشامل ضد الفلسطينيين بمن فيهم الفلسطينيين من مواطني دولة اسرائيل ويحملون جنسيتها |
يظل التحدي الرئيسي أمام النخب والجماهير متمثلا في قدرتها على الخروج من دائرة التعاطف غير المكلف إلى التبني الحقيقي للقضية مهما كانت تبعاته عليها الواجب أن نعي أن أية نقلة نوعية في معادلة الصراع مع الصهاينة لن تتحقق إن بقينا مرتهنين لأنظمة تفرض مواقفها المتواطئة علينا بالحديد والنار وتتسبب في مزيد من الانهيار في ساحة القضية الفلسطينية.
22