حاطب بن أبي بلتعة. البداية والنهاية/الجزء الرابع/قصة حاطب بن أبي بلتعة

بل قال: وما يدريك لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم ، فأجاب بأنّ فيه مانعًا من قتله وهو شهوده بدرًا، وفي الجواب بهذا كالتنبيه على جواز قتل جاسوسٍ ليس له مثل هذا المانع، وهذا مذهب مالك، وأحد الوجهين في مذهب أحمد
قال ابن عرفة رحمه الله: " وهنا ثلاثة أسئلة: حاطب بن أبي بلتعة هو حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة -رضي الله عنه وأرضاه-، وهو صحابيٌ جليل وُلد في السنة الخامسة والثلاثين قبل الهجرة، وقد دخل في قريش بحلفه مع بني أسد ، كان حاطب بن أبي بلتعة من كبار المهاجرين وقد شهد وكان من الرماة الماهرين وكذلك كان من تُجَّار الطعام ، أرسله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس لدعوته إلى رسالة الإسلام وذلك بعد عودة النبيِّ من الحديبية من السنة السادسة للهجرة لكن المقوقس بقي على دينه ، وقد جاء أحد العبيد يشكوا حاطبًا بن أبي بلتعة للنبيِّ فقال: ليدخلنَّ النار فردَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذبت، لا يدخلها أبدًا، وقد شهد بدرًا والحديبية، تُوفي حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه وأرضاه- عام ثلاثون للهجرة

قصة آية (٢٢) حاطب بن أبي بلتعة.. سفير رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط

وهذه من أهم المسائل التي يقع فيها الغلو، فمن الغلاة من يكفّر بالكبائر، ويرى خلود أصحابها في النار، ومنهم من يرى أن العاصي لابد أن يعاقب في الآخرة.

19
ص288
وقبل ، بعث حاطب إلى أهل مكة رسالة يحذّرهم من هجوم المسلمين عليهم مع امرأة
04 غزوة الفتح الأعظم: قصة حاطب بن أبي بلتعة
، والذي دفع حاطبًا -رضي الله عنه- لفعل ذلك أنه لم يكن قُرشيًا، وإنما كان حليفًا لقريش، وكان له أهلٌ وأموالٌ في مكّة، فأراد بهذا العمل أن يصنع معروفًا لقريش، فيكافؤوه عليه بحماية أقاربه وأمواله حين يغزوهم المسلمون
04 غزوة الفتح الأعظم: قصة حاطب بن أبي بلتعة
حاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة في أرسل الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه وأرضاه- رسالة إلى مشركي مكة ليخبرهم بالجيش الذي جهَّزه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفتح مكة ولم يكن ذلك نفاقًا منه ولا كفرًا ولا حبًا للكفر ورضًا به إنَّما فعل ذلك لعذرٍ بينَّه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أنَّ حاطب لم يكون من قبيلة قُريش بل كان غريبًا عنهم فأراد أن يكون له من يحمي قرابته، ورغم أنَّ هذا المبرر لا يقبله أحد إلا أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبله منه وعندما طلب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنَّه شَهِدَ بَدْرًا وما يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ فَقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ" ، وقد شهد الله عزَّ وجلَّ لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان ، حيث أنزل به قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله: "ما فعله حاطبٌ لا يوجب الرِدّة، وذلك لأنه ظنّ أنّ ذلك جائز له ليدفع به عن ولده وماله كما يدفع عن نفسه بمثله عند التقيّة، ويستبيح إظهار كلمة الكفر، ومثل هذا الظنّ إذا صدر عنه الكتاب الذي كتبه فإنه لا يوجب الإكفار، ولو كان ذلك يوجب الإكفار لاستتابه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا لم يستتبه وصدّقه على ما قال عُلِم أنه ما كان مرتدًا فهذا الحديث ذكره البخاري -رحمه الله- تحت باب ترجم له بقوله: "باب مَن نظَرَ فى كتابِ مَنْ يحذر على المسلمين، ليستبين أمرُه" يعني جواز ذلك بغير إذنه
فهذا الفعل من حاطب -رضي الله عنه- يحتمل أن يكون كفراً وردّة عن الدين وخيانة لله ورسوله، ويحتمل أنه متأول في فعله ولم يكفر، فلما سأله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نفى أن يكون ذلك منه ردّة عن الدين، وأنه باقٍ على إيمانه بالله ورسوله، وأنه إنما فعله ليحمي أهله وماله في مكّة، فقبل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله، وحمل فعله على غير الكفر، ثم عفا عنه أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سأله عن السبب الذي حمله على فعله، وهذا الاستفصال يدلّ على أن من الموالاة ما ليس بكفر، وإلا لما كان للسؤال فائدة

ما هي قصة حاطب بن أبي بلتعة؟

وبيّنوا أن شهوده بدرًا ليس مانعًا من تكفيره لو كان الفعل كفرًا؛ لأنّ الكفر محبط للعمل، ولكنَّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- عفا عنه ولم يعاقبه على تجسسه لسابقته تلك.

قصة ابن أبي بلتعة والخيانة
وقال ابن القيم رحمه الله في فوائد غزوة فتح مكّة: "وفيها: جواز قتل الجاسوس وإنْ كان مسلمًا، لأنّ عمر -رضي الله عنه- سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قتلَ حاطب بن أبي بلتعة لـمّا بعث يُخبِر أهلَ مكّة بالخبر، ولم يقل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا يحل قتله، إنه مسلم! لذا فإن فقه ما في حديث حاطب -رضي الله عنه- من الفوائد والأحكام، ومعرفة أقوال أهل العلم -الراسخين في العلم- فيها: أمرٌ غاية في الأهمية، ويقي من انحرافات الغلاة الذين يكفّرون بمطلق الموالاة، بل ويسارعون في تكفير المسلمين بأدنى تهمة، ويستبيحون دماءهم وأموالهم دون سؤال أو تثبّت، ولا يقبلون منهم أي عذر، مخالفين في ذلك هدي النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- الذي أرسله الله رحمة للعالمين
حاطب بن أبي بلتعة سفير رسول الله والرسالة الخائنة
بعض مواقف حاطب بن أبي بلتعة مع الصحابة : عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أصاب غلمان لحاطب بن أبي بلتعة بالعالية ناقة لرجل من مزينة فانتحروها واعترفوا بها فأرسل إليه عمر فذكر ذلك له وقال: هؤلاء أعبدك قد سرقوا وانتحروا ناقة رجل من مزينة واعترفوا بها فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم أرسل بعد ما ذهب فدعاه وقال: لولا أني أظن أنكم تجيعونهم حتى إن أحدهم أتى ما حرم الله U لقطعت أيديهم ولكن والله لئن تركتهم لأغرمنك فيهم غرامة توجعك فقال للمزني: كم ثمنها قال: كنت أمنعها من أربعمائة قال: فأعطه ثمانمائة
حاطب بن أبي بلتعة سفير رسول الله والرسالة الخائنة
وجوب الرجوع إلى الحق، والتراجع عن الحكم إذا بان خطؤه، فهذه عمر -رضي الله عنه- قد اتّهم حاطبًا بالنفاق، وبيّن وجهة نظره وسبب اتهامه، لكن لما تبيّن له أنه مؤمن تراجع وقال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ