ما استوقفنا هنا هو درجة ارتباط رافع بعمله الفني، ونفوره من العمل الأكاديمي الذي كانت تفرضه عليه ظروف معيشية صعبة، فيكون مكرهاً على التكيف معه، من دون أن ينسى دوره التوجيهي لأجيال جديدة من التلامذة و"المريدين" | السيرة المزدوجة المؤسسة العربية للدراسات والنشر قد يعرف المقربون من "الثنائي، مي ورافع"، أنهما يكادان لا يفترقان، في معارضه، كما في أمسياتها، وفي كثير من الفعاليات الأدبية والفنية، وهنا أقصد حضورهما في العاصمة عمان، في دارة الفنون تحديداً، حيث المحترف الفني لرافع وورشاته الفنية |
---|---|
فهي كانت، وربما ما زالت، تواظب على كتابة هذه "اليوميات" التي تحتفظ بها، حافظةً فيها تاريخاً حافلاً بالتفصيلي والجوهري، تتداخل فيه المعلومة بالذكرى والحلم والتحليل لكل ما ترى وتسمع وتتذوق | وهذا الشأن ينطبق، ولو على نحو مختلف، على شخصية مي الشاعرة والمبدعة التي توازن بين عملها الإبداعي، الشعري والقصصي والنقدي - التشكيلي، وبين التزاماتها "المعيشية" أيضاً |
فالرحلة، رحلة رافع تخصيصاً، التي تبدأ في بغداد الطفولة والنشأة والتكوين الأول، وتنطلق إلى التكوين الأكاديمي في الصين وبلغاريا، وسواهما، تتمدد في سياق المعارض والبيناليات العالمية، إلى أرجاء الأرض، من المحيط إلى الخليج عربياً، ومن أميركا وأوروبا والدول الإسكندنافية حتى الهند عالمياً.
23رواية الطموحات والمنجزات وهي إذ تعمل على هذا المشروع وتنجزه على النحو الذي قرأناه، فإنما تكتب رواية سيرية، أو سيرة روائية البطلان فيها هي وهو، في خضم علاقتهما بالعالم، بالكون والوجود، وصراعهما مع الحياة بيومياتها وتفاصيلها الصغيرة، كما في أسئلتها الثقافية والاجتماعية، وحتى السياسية | |
---|---|
بعد عدد من الكتب والدراسات والبحوث والترجمات الفنية والأدبية، وعدد كبير من المقالات والدراسات في الفنون التشكيلية، باللغتين العربية والإنجليزية، تطالعنا مي مظفر، الآن، بكتابها الجديد، عن "رحلتها" مع الناصري، الرحلة الحياتية التي عاشتها معه، زواجاً وتجربةً فنية مديدة |
رواية شعارها الإبداع والحب والفرح، في لقاء الشعر مع الموسيقى والغناء والرقص وسواها، لتجاوز الصعاب، ومواجهة القبح والعنف في أشكاله وصوره كلها، الأمر الذي يتطلب روحاً، بل روحين، في مستوى المواجهة والمقاومة تحت كل الظروف.
2من بين هذه الندرة، يجيء هذا الكتاب للشاعرة والقاصة والناقدة الفنية العراقية المعروفة مي مظفر، الكتاب "السفر" الذي يتناول سيرة حياتها مع الفنان العراقي العالمي الشهرة والمكانة رافع الناصري، سيرة تتناول كثيراً من تفاصيل العلاقة التي جمعتهما منذ اللقاء الأول 1970 ، ثم زواجهما 1973 ، وصولاً إلى رحيله الفاجع في ديسمبر كانون الأول 2013، وما بين التاريخين من حب وصخب وانتقالات في الزمان والأماكن، الأمر الذي يجعل من المستحيل الإلمام بتفاصيله، والاكتفاء بما هو "جوهر" الكتاب وروحه، روح كاتبته التي تتنقل بين الأسلوب السردي الشاعري وأدب الرحلة والمغامرة، بقدر كبير من السلاسة والعذوبة النادرين | فأنـا أتمتـع بذاكـرة حاضـرة بـكل قـوة وبتفاصيـل، حتـى فـي استعادة دور الطفولـة، لكننـي اسـتعنت فـي الفصليـن الأولين باليوميـات" |
---|---|
وقد اعتمـدت فـي سـرد هذه السـيرة علـى ذاكرتي بالدرجـة الأولـى |
هكـذا وجـدت أن الوقـت قـد حـان لتنفيـذ المشـروع، وهكـذا سـنظل معاً".