في ذلك الحين كانت كل الاحتمالات واردة، وكل التخمينات مطروحة، باستثناء احتمال واحد، وهو أن يعطى الدور لإنجليزية صبية لم يكن أحد في طول أميركا وعرضها يعرف عنها شيئاً | |
---|---|
وهو أمر لا تفعله مسارح العاصمة الإنجليزية العريقة إلا في مناسبات نادرة ذات طابع استثنائي، لكنها فعلته تلك المرة كنوع من التكريم الأسمى لامرأة في الثالثة والخمسين كانت رحلت الليلة الفائتة عن عالمنا | في هوليوود لأسباب خاصة ولكي لا يبدو الأمر وكأننا نصيغ أحجية، لا بد أن نسارع هنا إلى القول، إن الراحلة في ذلك اليوم والتي نتحدث عنها هنا هي فيفيان لي، الإنجليزية المولودة في الهند، والتي كانت تعيش في لندنها العريقة في ظل هوسها بالمسرح، ثم سافرت إلى أميركا لمجرد أن تلحق حبيبها لورانس أوليفييه كمجرد امرأة عاشقة يعتقد حبيبها نفسه أنها من الضعف بحيث Original Caption On The Set Of Gone With The Wind |
إذن، بما يشبه الصدفة أو المعجزة الهوليوودية الصغيرة تحولت فيفيان لي إلى سكارليت أوهارا، لتصبح بعد عرض الفيلم واحدة من أشهر نجوم السينما في العالم.
بل فقط لأن السيدة الراحلة كانت قبل ذلك بثلاث عشرة سنة قد فضلت أن تعود لتمثيل كامل الريبرتوار الشكسبيري على خشبة عاصمة صاحبة الجلالة بدلاً من أن تغرق في تلك اللعبة السينمائية المغرية… اللعبة التي أعطتها كل تلك الأدوار جاعلة منها نجمة النجمات، لا سيما حين جعلتها الصدفة وإرادة رجل واحد تلعب في عام 1939 ذلك الدور السينمائي الذي كانت تتطلع إلى لعبه عشرات من كبيرات نجمات هوليوود وكلهن من الأميركيات الأصيلات وبعضهن من الجنوب الذي هو مسقط رأس سكارلت أوهارا | كان ذلك، بكل وضوح، لأن فيفيان لي لم تكن نجمة هوليوودية بالمعنى المعروف للكلمة، كانت بالأحرى ممثلة كبيرة، ترعرعت في أحضان المسرح الكلاسيكي البريطاني، واعتبرت مرورها على الشاشة صدفة سعيدة لا أكثر، مصرة دائماً على أن وجودها الأساسي كفنانة هو وجودها على المسرح أولاً وأخيراً |
---|---|
لكن المسارح اللندنية لم تقم بذلك التصرف من أجل أي من الأسماء | وكان نجمها قد بدأ في الصعود في ١٩٣٩ عندما قامت بتمثيل دورها الخالد في فيلم «ذهب مع الريح» أمام كلارك جيبل، وكان عمرها ٢٦ سنة، ورغم الأفلام الجيدة التي قدمتها لاحقاً منها «عربة اسمها اللذة» أمام مارلون براندو، إلا أن مجدها ظل مرتبطاً بدورها في فيلم «ذهب مع الريح» وكانت قد نشبت علاقة حب عارمة بينها وبين النجم لورانس أولفييه، وتزوجته بعد أن انفصلت عن زوجها الأول، رغم زواجه من أخرى، وعاشت معه وبعد عشر سنوات زواجاً أصيبت بأعراض مرض نفسى فكانت تبكى فجأة بكاء متواصلاً دون سبب، وقيل إنها أصيبت بالشيزوفرينيا، حيث الانتقال من حالة الاكتئاب الشديد إلى الابتهاج الشديد دون مقدمات وبعد ٢٠ سنة زواجاً من أولفييه وقع الطلاق وقد توفيت فيفيان «زي النهارده» في ٧ يوليو ١٩٦٧، وكانت قد حصلت على جائزة الأوسكار مرتين إحداهما عن دورها في فيلم «ذهب مع الريح» |
ومنذ ذلك الحين تواكب عملها السينمائي مع عملها المسرحي، لكنها في السينما كانت تعطى على الدوام أدوار الفاتنة التي تعرف كيف تغوي الرجال، وكان هذا يدهش فيفيان كثيراً فهي التي كانت تقول، إن كل ما فيها يقف بالتضاد مع تلك الشخصيات التي ترسم لها.
18إنجليزية كانت، على أي حال، تزور الولايات المتحدة الأميركية بما يشبه الصدفة، راكضة وراء الفنان لورانس أوليفييه الذي كانت عهد ذاك على علاقة معه، ستنتهي في العام التالي بزواج مثالي ستظل الصحف تتحدث عنه كزواج سعيد طوال عقود طويلة مقبلة من الزمن قبل أن تعصف به العواصف مقتلعة فيفيان في طريقها | الفيلم كشف لها بالأحرى كل ما كان خبيئاً في داخلها، ولعل ذلك ما أرعبها فتراجعت لاجئة إلى شكسبير وسط تصفيق محبي المسرح وأولئك الذين كانوا يعتبرونها حينها أجمل امرأة في إنجلترا |
---|---|
.