وما أحسن ما قاله الشيخ السديس في خطبته: "لقد أوجد الغزو الثقافي مناخا يتسم بالصراع الفكري الذي يجر إلى نتائج خطيرة وعواقب وخيمة على مقومات الأمة وحضارتها، وكان من نتيجة ذلك أن تسمع أصوات تتعالى عبر منابر إعلامية متعددة تدعو وبكل بجاحة إلى التخلي عن كثير من الأمور الشرعية والثوابت المرعية والمعلومة من دين الإسلام بالضرورة | وفي نهاية المقال: أدعو الشباب لعدم إهدار وقتهم وإضاعة طاقاتهم بما يؤثِّر على ذكائهم وإنتاجهم، والوعي التامّ لتجنيد الجماعات الإرهابية وإقناعهم بالفكر التكفيري، والانتباه إلى تيارات الإلحاد التي نشطَتْ في الآونة الأخيرة والحرص على منظومة القيم الأخلاقية وقيم العمل وقيم الأسرة والانتماء للوطن |
---|---|
يقال: لك الأمان: أي قد آمنتك و-فلاناً على كذا: وَثِقَ به واطمأنّ إليه أو جعله أميناً عليه 2 |
فغزت وسائل التواصل الاجتماعي كل تفاصيل حياتنا بشكل ملفت ومهول، فأدمنت شعوب كوكبنا الأرضي على استخدام الشبكة العنكبوتية حتى صرنا نعيش بعالم افتراضي بعد أن كان إنسانيا واقعيا، ولا بد من أن نعترف بالدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في إمداد الأفراد بكثير من المعلومات والمواقف والاتجاهات و التي ساهمت في تشكيل أفكارهم وتوجهاتهم وأدت الى تغير أنماط التفكير لديهم وأثرت بأيدولوجياتهم واعتقاداتهم وحتى بقناعاتهم وثوابتهم.
20والأمة التي تُبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه، ولذلك يصبح علاجها أمراً صعباً وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً | وهناك عدَّةُ أنواع للأمن، ومن أهمِّها "الأمن الفكري"، حيث يُعَدُّ الفكرُ البشريُّ ركيزةً هامَّةً وأساسيةً في حياة الشعوب على مرِّ العصور، ومقياساً لتقدُّم الأمم وحضارتها، وتحتلُّ قضية الأمن الفكري مكانةً مهمةً وعظيمةً في أولويات المجتمع، الذي تتكاتف وتتآزر جهودُ أجهزته الحكومية والمجتمعية لتحقيقه؛ تجنُّباً لتشتُّتِ الشعور بالانتماء للأوطان،أو تغلغل ظاهرة العولمة بكافة أشكالها وأبعادها ، وبذلك تكون الحاجةُ ماسةً لتحقيق مفهوم "الأمن الفكري" الذي يؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي |
---|---|
فإذا توفر الأمن للإنسان في هذه الضرورات الخمس فقد حصل له الأمن الفكري والاجتماعي وبذلك يتوجه إلى التطورات الإيجابية التي يخدم بها المجتمع والقوم | وفي تعاملها مع ظواهر الانحراف الفكري تكون وزارة الداخلية قد انتهجت أسلوبين مكملين لبعضهما، فبجانب الإجراءات الأمنية لمواجهة التطرف والإرهاب, قامت وزارة الداخلية بجهود متعددة على المستوى الفكري بالتعاون مع الجهات المعنية على وقف المصادر الفكرية التي تبث الفكر المنحرف مع العمل على معالجة ذلك الفكر ويأتي في مقدمتها برامج المناصحة وإعادة التأهيل والرعاية اللاحقة والمساهمة في الرسالة الإعلامية الأمنية من أجل تحقيق الأمن الفكري للمجتمع السعودي |
والإسلام يهتم بهذا الجانب كثيرا ويحث على التربية السليمة للأسرة كي تكون لبنة خير في تنشئة الأولاد والأجيال ويوفر التلاحم والترابط والتراحم فيما بينهم؛ وهكذا تعييش الأسرة من كبارها إلى صغارها حياة كريمة وسعيدة.
24ومن هنا نعرف أن أبرز المعوقات التي تتحدى الدور الأمني الشامل لمؤسسات المجتمع هو عدم الاهتمام الكافي بحماية الأمن الفكري | من أخطر أسباب والارهاب ميلان الفكر وخروجه عن السلوك المألوف |
---|---|
والأسرة هي الخليّة الأولى في بناء المجتمع، والمحضن الأول للإنسان، ففيها ينشأ ويترعرع ويكتسب المُثل والقيم والمبادئ والأخلاق الحميدة | نعيش في مرحلة وزمن أصبح فيها الأمي: هو من لا يعرف الى وسائل التواصل الاجتماعي سبيلا |
ومن الأولويات التي تدركها وزارة الداخلية أنه متى ما اطمأن الناس على أنفسهم ومجتمعهم وعلى ما يعتقدون به من قيم وثوابت عقائدية ووطنية، وأمنوا بما لديهم من مثل ومبادئ سامية فقد تحقق لهم الأمن الشامل في أسمى صوره, أما إذا تلوثت أفكارهم بمبادئ خاطئة، ومناهج دخيل، وأفكار منحرفة وثقافات سلبيه مستوردة فقد حل بينهم ذلك التطرف الفكري الذي يهدد مجتمعهم و استقرارهم, لأن الأمن كل لا يتجز, فكل محاولة للإخلال بالأمن الحسي يسبقها إخلال بالأمن الفكري ، والفكر هو مناط السلوك, فإذا صلح الفكر أصلح الطوية والتعامل الحسن, وإذا فسد أو انحرف نتج عنه أعمال مخلة بالأمن والاستقرار.