ويدل عليه فعل الصحابة رضي الله عنهم ، فقد روى البخاري ومسلم من طريق قيس بن أبي حازم قال : دخلنا على خباب نعوده ، وقد اكتوى سبع كيات ، فقال : إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا ، وإنا أصبنا ما لا نَجِد له موضعا إلا التراب ، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به | روى مالك عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قال : لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلا مُفَرِّطٍ قال سعيد : فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رضي الله عنه |
---|---|
فقالت عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه: واثُكْلِيَاه! قال الإمام القرطبي : يجوز تمني الموت والدعاء به عند ظهور الفتن وغلبتها وخوف ذهاب الدين | وليس ثمة إساءة ولا عقوق أعظم من هجرك والدك ومقاطعته ، وقد عدَّ بعض العلماء عدم القيام للوالدين ، أو التقطيب في وجههما : من العقوق ؛ فكيف بك وقد هجرت والدك ثلاث سنين ، ورأيته ولم تلق عليه السلام ، بل وتتمنى لو الموت ؟! وقال صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله رواه الطبراني وأبو نعيم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3928 |
فهذا لا يكون للمؤمن أيها الإخوان، خلاف ذلك الذي قال: ألا موتٌ يُباع فأشتريه فهذا العيشُ ما لا خيرَ فيه ألا رحم المهيمنُ نفْسَ حرِّ تصدقَ بالوفاةِ على أخيه نسأل الله العافية.
أو كان لتمنِّي الشهادة | وَقَوْله " يَسْتَعْتِبُ " أَيْ يَسْتَرْضِي اللَّه بِالإِقْلاعِ وَالاسْتِغْفَار |
---|---|
حكم تمني الموت إذا كان المسلم يواجه مشكلات كثيرة في حياته ، ولا يستطيع حلها ، فهل يجوز له أن يدعو على نفسه بالموت ، حتى يستريح من هذه المشاكل ؟ الحمد لله : أولاً : طول العمر للمؤمن الذي يعمل صالحاً خير له من | ولأجل ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت ، لأنه يحرم المؤمن من خير الطاعة ، ولذة العبادة ، وفرصة التوبة ، واستدراك ما فات : فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ , وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ ، وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلا خَيْرًا رواه مسلم 2682 |
، فلعل كاتب هذه العبارة عندما وقف على هذه المخطوطة توهم أنها بخط الشيخ رحمه الله فنسبها إليه.
3وبعض الأحيان أتذكر المشاكل التي بيني وبينه وأتمنى أنه يموت اليوم قبل غد! وعند البخاري 7235 بلفظ : لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ ، إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ | الثاني : لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنى ، وذلك مهلك ، وعلى هذا الحدّ يكون تمنى الموت جائزا |
---|---|
والطاعون شهادة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم أجعل فناء أمتي في سبيلك بالطَّعْن والطاعون | وعند البخاري 7235 بلفظ : لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ ، إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ |
قال ابن رجب رحمه الله : " وقد كان كثير من الصالحين يتمنى الموت في صحته ، فلما نزل به كرهه لشدته ، ومنهم أبو الدرداء وسفيان الثوري ، فما الظن بغيرهما ؟! وعلى هذا يحمل ما ورد عن السلف في تمني الموت ؛ أنهم تمنوا الموت خوفاً من الفتنة.
28