فضل صيام العشر من ذي الحجّة يُعَدّ صيام الأيّام التسع الأولى من شهر ذي الحجّة من الأمور المُستحَبّة، والتي رتَّب الله -تعالى- عليها الكثير من الأُجور؛ فقد بَيَّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّها أفضل من الجهاد؛ فقال: ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ ؛ لاجتماع الصيام مع أفضل أيّام العام؛ فيكون الأجر مُضاعَفاً بذلك، أمّا صيام اليوم التاسع منها؛ وهو ، فيُكفّر سنتَين من ؛ سنة قبله، وسنة بَعده؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: صِيامُ يومِ عَرَفَةَ ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ ، و السنَةَ التي بَعدَهُ ، وهو أفضل يوم يُصام فيه من الأيّام العَشر، وهذا الصيام يكون لغير الحاجّ | واليوم في الشرع يبدأ منذ طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، وأفضل عمل يستغلّ به المسلم نهار هذه الأيّام هو الصيام، كما أنّ أفضل ما يُستغَلّ فيه الليل صلاة القيام، أمّا حُكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجّة فهو مندوب، بينما حُكم قيام الليل أنّه سُنّة |
---|---|
اقرأ أيضا: قالت الدكتورة فتحية الحنفي إن 3 من الأئمة وهم الإمام أبو حنفية والإمام الشافعي والإمامة أحمد ابن حنبل قالوا أن من شرب أو أكل ناسيا في صيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة لا يبطل صومه وصومه صحيح | وقد يساور البعض شك أنه إذا أكل أو شرب ناسيا أثناء الصيام في العشر الأوائل من ذي الحجة فإن صيامه باطل وغير صحيح |
فيتأول قولها: لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر.
12هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة مجتمعة ؟ فلا يشترط لتحصيل ثواب الصيام في عشر ذي الحجة أن تصام مجتمعة، بل من صام بعضاً وترك بعضاً حصل له ثواب ما صامه من الأيام، فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، والصيام في هذه الأيام الفاضلة وكذا غيره من الأعمال الصالحة ـ من قيام وذكر وصدقة وغير ذلك ـ مما ينبغي أن يحرص عليه المسلم، لما ورد من الترغيب في الطاعة في هذا الموسم العظيم، فقد خرج البخاري من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء | ولأن صوم الأيام العشر من ذي الحجة ليس فرض ولكنه نافلة فمن الممكن للمسلم أن يصوم البعض منها دون البعض الآخر، حيث يمكن صوم أول يومين وآخر يومين منها وما إلى نحو ذلك، فلا إثم على تاركها أو تارك بعضها، ولكن الأفضل صومها جميها في حالة الاستطاعة، واليوم التاسع من شهر ذي الحجة هو يوم عرفة، وللصيام به ثواب وأجر كبير حيث يكفر الله عنه عام ماضي وعام لاحق |
---|---|
اقرأ أيضا: هل يجوز الإفطار في صيام عشر ذي الحجة لكن قد يتساءل الكثيرون حلو حكم قطع صيام العشر من ذي الحجة أو الإفطار في وسط اليوم أو عدم استكمال صيام اليوم، هل هو أمر جائز أم لا | وفي رواية: لم يصم العشر قط |
وعلي ذلك فإنه بإجماع الأمة الإسلامية والأحاديث الصحيحة التي وردت إلينا فإنه يجوز إفطار العشر الأوائل من ذي الحجة.
18قيل : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ، إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ ؛ والحديث عام يشمل أعمال الخير والصلاح جميعها، ومن بينها الصيام، وفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذي جاء عن بعض زوجاته دليلٌ على استحباب صيامها، وهو حديثٌ صريحٌ في ذلك | أهمية العشرة من ذي الحجة تُعَدّ الأيّام العَشر من شهر ذي الحِجّة من أفضل أوقات العام؛ فهو مَوسم للطاعات؛ إذ يجتهد المُسلم فيها بالطاعة؛ لعلّه يصل إلى رحمة الله -تعالى-، ومغفرته، وقد فُضِّلت العشر من ذي الحجّة؛ لأنّ فيها اجتماعاً لأُمّهات العبادات، كالصدقة، والصوم، ، والصلاة، وغيرها، وهي لا تجتمع إلّا في هذه الأيّام |
---|---|
فهذا لا يمنع من استحباب صومها، بدليل أنها داخلة ضمن الأعمال الصالحة، والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حث على العمل الصالح مطلقا فالقول الصادر من الرسول عليه السلام الموجه إلى الأمة هو شريعة عامة ، أما الفعل الذي يفعله هو ، فيمكن أن يكون شريعة عامة حينما لا يوجد معارض له ، ويمكن أن يكون أمراً خاصاً به عليه الصلاة والسلام | وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ ; لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ قَضَاءَ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ |
ويستدل من حديث ابن عباس السابق أيضا ورود لفظة الأيام، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعلوم أن أفضل عمل النهار الصوم، كما أن أفضل عمل الليل القيام، ولذلك سن قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، فيكون صيام العشر الأوائل من ذي الحجة مندوباً قياساً على ذلك.
30