وكأن الله تعالى في هذه السورة يحث الناس على التحرك في الأرض للهروب من الفتن | ومنها: الحث على التحرز، والاستخفاء، والبعد عن مواقع الفتن في الدين، واستعمال الكتمان في ذلك على الإنسان وعلى إخوانه في الدين |
---|---|
وقت قراءة سورة الكهف يوم الجُمعة قراءة لم تحدّد بزمنٍ، إنّما تكون في أي وقتٍ من يوم الجمعة، سواءً أوّل اليوم، أو آخره، أو أوسطه، دون تحديد أي مكانٍ، فتصحّ في المسجد، أو في الطريق إليه، وغير ذلك من المواضع، ويُعرف اليوم في الاصطلاح الشرعيّ ويُقدّر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، إلّا أنّ وقت استحباب قراءة سورة الكهف يبدأ من ليلة الجُمعة، أيّ مساء يوم الخميس | كما قال تعالى -لما ذكر في هذا القرآن وصف النار- قال: { ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون } فمن رحمته بعباده، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره، وبينها لهم، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها |
وقال المناوي أيضاً : فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي اللّه عنه.
قصة آدم عليه السلام وإبليس ذكرَ الله -تعالى- قصّة آدم -عليه السلام-، وعدوّ البشر؛ إبليس، في سورة الكهف؛ فقال: وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا ؛ إذ أمرَ ملائكتَه بالسجود لآدم -عليه السلام- بعد أن خلقَه، فامتثل -عليهم السلام- جميعاً لأمر الله، وسجدوا لآدم سجود تشريف وتكريم، باستثناء إبليس الذي كان من الجنّ، فعصى أمرَ الله -عزّ وجلّ-؛ كِبراً وحَسداً لآدم -عليه السلام-، ممّا يعني خروجه عن طاعة ربّ الكون، وخالِقه | والحديث : ضعيف جدّاً أو موضوع |
---|---|
قصة أصحاب الكهف أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفاً على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا ، وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات، وتولّى الله حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف ، فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه، فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا | وتقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها ، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس ، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس ، وعليه : فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة |
أسباب نزولها يرى أهل العلم أن سبب نزول سورة الكهف يعود لقيام قريش ببعث رسولين منها إلى أحبار يهود بالمدينة للحصول على دليل يُظهر زيف دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وعدم صدق نبوته | في طول مدتهم، فلهذا { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } فردوا العلم إلى المحيط علمه بكل شيء، جملة وتفصيلا، ولعل الله تعالى -بعد ذلك- أطلعهم على مدة لبثهم، لأنه بعثهم ليتساءلوا بينهم، وأخبر أنهم تساءلوا، وتكلموا بمبلغ ما عندهم، وصار آخر أمرهم، الاشتباه، فلا بد أن يكون قد أخبرهم يقينا، علمنا ذلك من حكمته في بعثهم، وأنه لا يفعل ذلك عبثا |
---|---|
فهي توثيق إلهي لثباتهم وتضحيتهم، وعبرة لأولي الألباب لما تتضمنه قصتهم من مثال عملي على أهمية اتباع طريق الحق والهدى، رغم الفتن والمُغرَيات |
وقوله { لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ } أي: لينذر بهذا القرآن الكريم، عقابه الذي عنده، أي: قدره وقضاه، على من خالف أمره، وهذا يشمل عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، وهذا أيضا، من نعمه أن خوف عباده، وأنذرهم ما يضرهم ويهلكهم.
26