وفي غمرة انهماكه بعمله الأكاديمي، ورده ذات خميس اتّصال من الدّيوان الملكي، أبلغه رغبة الملك عبدالله بتعيينه رئيسًا تنفيذيًا للهيئة العامّة للغذاء والدّواء، وتأكد المتّصل من قبوله، فوافق واحتفظ بالخبر لنفسه حتى أعلن بعد يوم واحد، ثمّ ذهب لمقره الجديد في ساعة مبكرة من صباح السّبت واجتمع بالموظفين وطمأنهم أنّه ما جاء للتّغيير أو هدم منجز السّابقين، وإنّما مراده التّطوير وإكمال ما بدأه الآخرون؛ فليس من شأنه البحث عن عثرات غيره أو تضييع الوقت لإثبات فشلهم، وسيكون تركيزه على مراكمة النّجاح | أمّا بعد قفوله إلى المملكة فقضى ثمانية أشهر في وزارة الصّحة بلا عمل وربّما يرجع هذا إلى خوف مدير إدارته على منصبه، ومع ذلك فحين سعى في إجراءات الانتقال للجامعة وجد من مرجعه رفضًا وامتناعًا، وما أعجب النّاس إذ تحكمهم ثقافة النّدرة خوفًا على المكانة مع وفرة غيرها، وتعميهم بليّة الحسد عن خير لغيرهم لا يضرّهم! ومن قصص السّيرة العجيبة حكاية ابتعاثه للدّراسة، إذ ذهب إلى وزارة الصّحة ليتابع طلبًا لفتح ركن داخل صيدليّة مستشفى الشّميسي -مدينة الملك سعود الطّبيّة لاحقًا-لتجهيز مستحضرات طبيّة، فكان جواب أحد موظفي الوزارة: أنا وأهل بيتي لن نستخدم ما ستصنعونه! ومن ملاحظاته في بريطانيا أنّ الأساتذة يطلبون مناداتهم بلا ألقاب، ويمنح أيّ دارس مفتاحًا لجميع المعامل والمختبرات، وحين ألقى كلمته في المؤتمر العلمي اكتشف أنّ كثيرًا من مخاوفنا لا أساس لها، والتّجربة تذيبها حتى تزيلها تمامًا، وعاش حياته هناك بلا تراكمات ثقافيّة، ودون حكم مسبق على الأشخاص مهما قيل عنهم |
---|---|
وقبل انتقاله للجامعة بحث عن عمل في شركة للتّصنيع الدّوائي حديثة الإنشاء، فاعتذروا بذريعة أنّ تخصّصه لا حاجة له قبل التّشغيل الفعلي للمصنع، ثمّ تفاجأ بقراءة إعلان من ذات الشّركة في مجلّة أجنبيّة تطلب وظائف ومنها نفس الوظيفة التي سأل عنها، ومع أنّ هذه الرّواية لها أربعة عقود تقريبًا إلّا أنّ السّؤال لا يزال قائمًا بإلحاح: هل الممارسة باقية أم لا؟ وخلال فترته الجامعيّة أنجز خمسة وخمسين بحثًا، وارتقى في السّلم الأكاديمي دونما تأخير، واستمتع بالتّدريس مع مهام إداريّة في وكالة كليّة الصّيدلة، وعمل مستشارًا في لجان عدّة بوزارة الصّحة التي ضاقت به يومًا، وتولّى رئاسة لجان مهمّة عن تسجيل الأدوية وتسعيرها، وكتب مسوّدة لمدونة أسس التّصنيع الدّوائي فاعتمدت خليجيًا بجهود معالي الوزير الذي نال ثناءً يستحقّه من البروفيسور المشعل | محمّد اليحيى بلهجته القصيميّة بما معناه ضرورة الالتصاق بالمختبر لإنهاء متطلبات الدّراسة وترفيعها من ماجستير لدكتوراه وهي الخصيصة المتاحة في النّظام البريطاني، ومع أنّ اليحيى غادر دنيانا إلّا أنّ نصيحته المخلصة بقيت بعده، ومنحته الفرصة لأن يُذكر ويدعى له |
إنّنا نكرّر مع أستاذنا الأمنية بأن يكون كتابه زكاة علم وعمل، وصدقة جارية تنفعه في محياه وآخرته، فالحياة فرص تهتبل من أجل تأسيس المستقبل، والانفتاح بثقة مع الاستعداد للمنافسة، وتأهيل طاقاتنا المحليّة، والارتقاء بالمهن من خلال الاحتكاك بمن سبقنا، والتّدريب بطريقة تنفعنا، فخدمة البلد وأناسه من أجلّ ما يقدمه المخلصون وإن لم ينبسوا بكلمة الوطن؛ ففعالهم رشد ونضج وخير الآن وفي كلّ آن.
محمد المشعل ومآثر بين الصّيدلة والإدارة لا يدري الإنسان ماهي أجلّ ثمراته، وأبقاها، وأعظمها تأثيرًا، ولذا فمن التّوفيق ألّا يكفّ أحدنا عن العمل وإبداء الرّأي ونقل الخبرة، فربّ عمل مقبول واحد يرفع درجاته عند مولاه، ويجعل له لسان صدق في الآخرين، ومن هذا الباب كتابة السّير والتّجارب؛ عسى أن تجد مقتديًا أو تعيها أذن واعية | |
---|---|
من منجزاته الإداريّة في تبوك تقصير الهرم الوظيفي وهو ما رافقه في أعماله الأخرى وأضحى يوصي به كثيرًا، واعتماد العمل الإليكتروني بعيدًا عن الورق، واستقر في نفسه ضرورة اندماج شركات التّصنيع الدّوائي في كيانات كبيرة كي تواجه الشّركات الأجنبيّة، وبعد سبع سنوات عاد إلى جامعته وطلّابه، وكان للتّدريس بعد العودة من تجرية تبوك طعم مختلف؛ إذ امتزج العلم مع الخبرة وما أسعد الطّلاب بمادة تنبض بالحياة مع أستاذ بصير | وجد الكاتب مساندة من مدير المستشفى د |
كلمات اغنية ودوني ليها محمد المشعل لما تعدوا خدونــي فـ ايدكــوا وودوني ليهـــا مصر دي زي الروح فـ القلــب يباختكوا بيهــا لما تعدوا خدونــي فـ ايدكــوا وودوني ليهـــا مصر دي زي الروح فـ القلــب يباختكوا بيهــا حاله عشق تقول إدمان فيها الراحه وفيها امــان حاله عشق تقول إدمان فيها الراحه وفيها امــان خفّـة دم دي ناسهـا كمـان كدا بتحليهـــا لما تعدوا خدونــي فـ ايدكــوا وودوني ليهـــا مصر دي زي الروح فـ القلــب يباختكوا بيهــا اخـترت احبهــا من قبـل انا ما اجيلهـــا بكتيـر جايز من قبل انا بقي ما اوعي ع الدنيا زمان لو اروح فـ مكان تاني انا من باب برضو التغير هختارهــا انا هي الـ هروحهـا وهروحها كمان الله ع الفــــول م العربيه وقــرص الطعميـه وفـ قعدة قهـوه وبراد شاي ساعة العصريـه الله ع الفــــول م العربيه وقــرص الطعميـه وفـ قعدة قهـوه وبراد شاي ساعة العصريـه فـ ركوبة مركب فـ النيل فـ فسح وسهر طول الليل فـ ركوبة مركب فـ النيل فـ فسح وسهر طول الليل دي بلد كل ما فيهــا جميل و بناسها وفيّـه لما تعدوا خدونــي فـ ايدكــوا وودوني ليهـــا مصر دي زي الروح فـ القلــب يباختكوا بيهــا لما تعدوا خدونــي فـ ايدكــوا وودوني ليهـــا مصر دي زي الروح فـ القلــب يباختكوا بيهــا صدق اللي قال دي مصر امي و الأم حاجه ما تتعوضش عن نفسي افديها بدمي و عليها ابداً ما تأخرش كلمات اغنية ودوني ليها محمد المشعل.
3من لطائف السّيرة حكاية الطّفل التّنفيذي، ومشورة خبراء أجانب لاستنبات النّخيل من العسيب والجريد، وإلقاء المشعل كلمة الطّلاب في حفل بمدرسته الابتدائيّة دون استعداد مسبق، وحصوله بعدها على قلم ثمين، وتشاركه السّكنى في شقة واحده مع أخيه الذي يدرسه في الكليّة | فطلب المشعل منه ورقة بيضاء، وكتب عليها رغبته بأن يبتعث لدراسة الصّيدلة الصّناعيّة |
---|---|
وكان الموت مفترق حياة في سيرته؛ إذ بلغه نبأ وفاة أبيه وهو في سنته الأولى بكليّة الطّب، فأظلمت الدّنيا في عينيه، وحمل الخبر له حزن الموت متراكمًا بغياب مرجعه الرّوحي، وتضاعف طعم الفجيعة التي لم يذقها على أمّه المرتحلة عن الحياة وهو في عامه الأوّل | أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياض الخميس 25 من شهرِ رمضان المبارك عام 1440 30 من شهر مايو عام 2019م |
بينما غابت المعلومات الشّخصيّة كما لاحظ المؤلّف إلّا من جرعات يسيرة بدا منها اعتزازه بالأب وتربيته، واعترافه بفضل الزّوجة، فوجود الأنثى في حياة الرّجل يصبغ حياته بألوان من فرح وسعادة خاصّة إذا كانت رفيقة الحياة أكثر جماهير زوجها حماسة له، وأصدقهم، وأكثرهم حبًا كما وصف أبو يزيد زوجته.
6